مع استمرار انتشار فيروس كورونا في العالم وظهور متحورات أكثر حدة، طرح العلماء آراءً متباينة حول مستقبل الوباء، وتوقع البعض استمرار وجود الفيروس في العالم فترة طويلة من الزمن، بينما يرى آخرون أنه سيتحول إلى فيروسٍ موسمي، وانقسمت الآراء إلى عدة سيناريوهات محتملة بحسب تصور العلماء لمستقبل كوفيد-19.
السيناريوهات المحتملة حول مستقبل كوفيد-19 بين التفاؤل والمخاوف
السيناريو الأول
وهو السيناريو الأكثر إثارة للقلق والإحباط والذي يتحدث عن بقاء الوباء في المستقبل وتزايد حدته. فقد عبر علماء عن مخاوفهم في تقرير نشرته مجلة "نيتشر" Nature البريطانية، من وصول معدلات الوفاة والإصابة إلى مستويات مرتفعة للغاية ومخيفة، ما يعني المزيد من التحورات لفيروس كورونا، بحسب التقرير.
وقد حدد التقرير الإجراءات التي يجب على الحكومة مراعاتها لمكافحة ذلك السيناريو المتوقع من التحورات، واقترح العمل على التقليل من مخاطر انتقال السلالات الجديدة إلى داخل البلاد، لتقليل مخاطر حدوث طفرات مشتركة بين المتحورات.
السيناريو الثاني
ظهور متغير لفيروس كورونا يتفوق على اللقاحات الحالية احتمال شبه مؤكد. وقال العلماء في تحليلاتهم أنه نظراً لأن القضاء على الفيروس "غير مرجح"، فإن لديهم "ثقة عالية" في أن السلالات الجديدة ستستمر في الظهور، وأنه سيكون هناك "تراكم تدريجي أو متقطع من التباين المستضدي الذي يؤدي في النهاية إلى فشل اللقاحات الحالية".
وقدم العلماء مجموعة من التوصيات للتعامل مع احتمال ظهور سلالات مقاومة للقاحات الحالية جراء استمرار التحورات في فيروس كورونا، وهي:
أن تستمر السلطات في الحد من انتقال الفيروس قدر الإمكان لتقليل فرصة وجود متغير جديد مقاوم للقاحات، فالهدف، كما يقولون، يجب أن يكون "تقليل العدوى وانتقال العدوى بين الأفراد الملقحين"، لمنع تطور بدائل مضادة للقاحات لدى المطعمين.
تركيز الأبحاث على اللقاحات الجديدة التي لا تمنع دخول المستشفيات والأعراض الشديدة فحسب، بل "تحفز أيضاً مستويات عالية ودائمة من المناعة". ويجري البحث بالفعل في العديد من الشركات التي تصنع لقاحات Covid-19 عن طرق التعامل مع السلالات الجديدة.
توصي الدراسة إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى مواصلة تلقيح الفئات العمرية الضعيفة "في فترات منتظمة بلقاحات محدثة" للمتغيرات السائدة لزيادة حمايتها.
وكتب العلماء أن بعض المتغيرات التي ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية "تظهر قابلية أقل للتأثر بالمناعة المكتسبة من اللقاح، على الرغم من أنه لا يبدو أن أياً منها يتغلب تماماً على اللقاحات".
لكنهم حذروا من أن هذه المتغيرات ظهرت "قبل أن ينتشر التطعيم على نطاق واسع"، وأنه "مع زيادة انتشار اللقاحات، ستزداد احتمالات تحور السلالات الحالية لمتغير يمكنه التهرب من المناعة المكتسبة من اللقاح".
وهذه قضية حذرت منها SAGE من قبل، ففي 7 يوليو/تموز 2021، كتب علماء SAGE أن "الجمع بين الانتشار العالي والمستويات العالية من التطعيم يخلق الظروف التي من المرجح أن يظهر فيها سلالة تتهرب من اللقاحات.
ونظراً للتأثير الذي أحدثته دلتا بالفعل، وفي ضوء الأدلة الحديثة من مراكز السيطرة الأمريكية على الأمراض والوقاية منها، لا يمكننا تحمل المزيد من المتغيرات الجديدة الناشئة ونحتاج إلى اتخاذ إجراءات وقائية عاجلة.
السيناريو الثالث
هو تحول كورونا إلى فيروس موسمي كالإنفلونزا، إذ يمكن أن تساهم العلاجات الفعالة مثل اللقاحات ومستحضرات الأجسام المضادة المصنوعة في المختبرات بشكل كبير في تقليل شدة المرض ومعدل دخول المصابين إلى المستشفيات وبالتالي حصول وفيات أقل، حسبما يقول فريق الخبراء.
وذهب في نفس الاتجاه غيرنوت ماركس، رئيس الجمعية الألمانية متعددة التخصصات للعناية المركزة وطب الطوارئ (Divi). وأكد غيرنوت لصحيفة "هاندلسبلات" الألمانية أن مرضى كورونا سيواصلون التوافد على وحدات العناية المركزة، ولكن ليس بأعداد أعلى من المتوسط، كما هو الحال في ذروة الوباء، مشيرا إلى أن هذا الأمر يحصل أيضا في مواسم الإنفلوانزا.
السيناريو الرابع
وهو الأكثر تفاؤلاً بالنسبة للخبراء فهو تحول كورونا إلى مرض أقل حدة، حيث توقع العلماء تحول الفيروس مع الوقت من مرض فتاك إلى مرض عادي يشبه نزلات البرد، على غرار باقي الفيروسات التاجية المعروفة التي تعتبر من بين المسببات الكلاسيكية لنزلات البرد.
ورغم كل ذلك، يؤكد فريق الخبراء أنه من غير الممكن التنبؤ على وجه اليقين بما إذا كانت شدة المرض ستزداد بالفعل أم ستنقص، ومع ذلك فإن الفيروس لا يزال يتطور وقد تظهر منه متحورات كثيرة، لهذا يوصي الخبراء في التقرير بضرورة الالتزام بالوقاية الدائمة وباتباع الإجراءات الاحترازية.