قرارات الحكومة وعين الأردنيين..   |   120 شابًا يشاركون في تدريب متخصص للوقاية من العنف ضد النساء والفتيات   |   زين تنظّم بطولتها للبادل بمشاركة 56 لاعباً ضمن 28 فريق   |   نشاط تطوعي لنادي الأرينا وقسم البصريات بجامعة عمان الأهلية في روضة ومدارس اللاتين – الفحيص   |   شراكة بين مجموعة عليان والمناصير للزيوت والمحروقات لتشغيل شواحن متطورة في محطات المناصير   |   الصفدي: يحق لنا التباهي بحكمنا الهاشمي ونفخر بدفاع الملك عن غزة    |   آل 《جبر》 يقيمون قداس راحة النفس وبيت عزاء ابنهم المرحوم 《رائد》 في عمان    |   إلى المديرة إيمان ابو سفاقة مديرة مدرسة النهضة الأساسية المختلطة...   |   المعركة وعوامل النصر والهزيمة ...   |   برنامج Jordan Source ينهي مشاركته في فعاليات منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 بنجاح   |   المهرجان الثقافي الدولي للفن التشكيلي المعاصر في الجزائر   |   سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر ... ولكن!   |   《جو أكاديمي》 ترعى الجلسة الحوارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني مع دولة رئيس الوزراء     |   وزير الثقافة يطلع على تجربة الكويت الإعلامية   |   بيان صادر عن المنتدى العالمي للوسطية   |   فلاح الصغيّر نقيبًا لنقابة شركات الدعاية والإعلان وخدمات التسويق   |   تجارة عمان تستضيف بعثة تجارية تونسية   |   مراقب الشركات : تحقيق التنمية المستدامة يتطلب استثمارا بالموارد البشرية   |   تخريج 21 مشاركة ببرنامج Female Future   |   بَــعــدَ أَن تَــقــفِــز بــالــمــظــلَّـة ؟!   |  

إخفاقات إنشائية وتمويلية وتوزيعية تبدد حلم "سكن كريم"


إخفاقات إنشائية وتمويلية وتوزيعية تبدد حلم "سكن كريم"

بين سمو الهدف وسوء التطبيق، يجمع مختصون على “فشل تطبيق مبادرة “سكن كريم لعيش كريم”، على الرغم من أنه لم يتبق سوى 1550 شقة من أصل 8500، من المشروع، معتبرين أن فكرة المبادرة “لم تطبق عمليا على أرض الواقع، نتيجة قرارات ساهمت في حرفها عن مسارها الموضوع لأجلها”.
وقال هؤلاء المختصون إن المبادرة “لم تحقق الرؤية الملكية التي أوجدت من أجلها، والتي رمت إلى جعل العام 2008 عام الإسكان، واستهدفت عند انطلاقتها المواطنين من ذوي الدخول المحدودة والمتدنية، وموظفي الجهاز الحكومي ومنتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية، والمتقاعدين العسكريين”.
وأرجعوا في حديث لـ”الغد”، فشل المبادرة إلى أن المشروع كان “يهدف لتوسيع شريحة الطبقة الوسطى، لتحسين المعيشة والرفاه الاجتماعي للمواطنين، انطلاقا من أن تكاليف السكن تستحوذ على 40 % من دخل المواطن، غير أن سوء مواصفات الشقق وارتفاع اسعارها حال دون الإقبال عليها”.
وبينوا أن المبادرة “عانت منذ البداية من مشاكل عدة، في التنفيذ والتوزيع، وتحديدا فيما يتعلق بوصول الخدمات الأساسية إلى مواقع الشقق، من مدارس ومراكز صحية وخطوط نقل”.
كما أن عملية تسويق الشقق لم تستكمل، فاضطرت الحكومة بعد 5 أعوام، إلى تفويض وزارة التربية والتعليم لتوزيع الشقق على المعلمين، فيما اعتبر المختصون أن ذلك “يتنافى عمليا مع التوجهات الملكية بضرورة تخصيصها لذوي الدخول المحدودة والمتدنية”.
وكانت مبادرة “سكن كريم لعيش كريم”، انطلقت العام 2008، بهدف مساعدة ذوي الدخل المحدود والمتدني، “ليكون سكنهم متناسبا مع حياتهم المعيشية”، بحسب وزير الأشغال العامة والإسكان السابق محمد عبيدات.
وقال عبيدات إنه، ولهذه الغاية، أنيطت مهمة إنشاء المساكن بوزارة الأشغال العامة والإسكان من خلال المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، وتم توزيع هذا السكن على 5 محافظات، هي العاصمة، والزرقاء، وإربد، ومادبا، والعقبة.
وأشار إلى أن الرؤية الملكية تهدف لتلبية حاجات السكن لدى هؤلاء الناس من ذوي الدخل المحدود والمتدني، فانطلقت المبادرة بثلاثة توجهات، أولها إقامة السكن من خلال شقق بأسعار ومساحات مناسبة، فكان الاقتراح أن تبنى في أماكن قريبة من التجمعات السكانية في المدن الرئيسية في المملكة، غير أن عدم توفر أراض قريبة من المدن الرئيسية، دفع القائمين على المبادرة، في ذلك الوقت، لاختيار مواقع كان بعضها غير مناسب أو بعيدا عن التجمعات السكانية.
وأوضح عبيدات أن المبادرة بدأت بتنفيذ حوالي 8500 شقة في 14 مشروعا، تتوزع على 11 موقعا، في حين تمثل التوجه الثاني بتوزيع أراض على الفقراء والمساكين، وتحديدا على فئة الأشخاص الذين يمتلكون المال لكنهم لا يمتلكون الأراضي، بحيث يستطيعون بناء مساكن لهم، فيما اختص التوجه الثالث بالأشخاص الذين يمتلكون قطع أراض لكنهم بحاجة إلى تمويل لإقامة مساكن عليها”.
وقال “قمنا بتخفيض الأسعار للمواطنين بنسبة 15 % من الأسعار المعلنة، حيث تحملت الخزينة في ذلك الوقت 32 مليون دينار، ووضعنا خطة تسويقية وعقدنا اتفاقيات مع البنوك لغايات التمويل للمستفيدين من المبادرة”.
وأشار إلى أنه “تم أخذ قروض بقيمة 163 مليون دينار لسداد المستثمرين الذين أنجزوا أعمالهم وسلموا مشاريعهم”، لافتا إلى أن المشكلة التي حدثت، تمثلت بأن عملية التسويق “لم تستكمل كلها، فاضطرت الحكومة بعد 5 أعوام أن تفوض وزارة التربية والتعليم يتوزيع الشقق على المعلمين، وهو ما يتنافى عمليا مع التوجهات الملكية السامية بضرورة تخصيصها لذوي الدخول المحدودة والمتدنية”.
كما تضمنت فكرة المبادرة ايضا، بحسب عبيدات، أن “يتم العمل على زيادة المخزون الاستراتيجي من الأراضي، بحيث يتم توزيعها على المواطنين، وكانت لدينا رؤية لإنشاء مدن سكنية متكاملة، بالشراكة مع القطاع الخاص في منطقة الجيزة، ومناطق الشمال والجنوب لهذه الغاية، لكن تلك الطموحات لم تستكمل لمبادرة “سكن كريم”، بل اقتصرت على الشقق”.
وأضاف عبيدات: “وللأسف فإن هذه الشقق لم تستكمل، وبرزت فيها مشاكل فنية تمثلت بحاجتها للصيانة، فضلا عن ظهور مشكلات إنشائية، ناجمة عن أن بعض المستثمرين لم يكونوا متخصصين بالبناء، لكنهم يمتلكون الأموال، فكانوا يحضرون مقاولين من الباطن، لغايات استكمال المشاريع”.
 وأكد أن المشروع “لم يحقق هدف حل مشاكل السكن للأردنيين كافة، فيما كان التطلع هو لتوسيع الطبقة الوسطى لتحسين المعيشة والرفاه الاجتماعي للمواطنين، لأن السكن يقضم ما نسبته 40 % من دخل المواطن”.
وأضاف أن التطلعات العليا للمبادرة “لم تترجم على أرض الواقع تماما بشكل صحيح، ويعود السبب في ذلك إلى مشاكل في تمويل المشاريع، وبعد المساكن عن التجمعات السكانية، وصغر مساحات الشقق، وعدم توفر الخدمات العامة كالمدارس والمراكز الصحية والتجارية والمواصلات”.
من جانبه، انتقد المهندس المعماري محمد جواد ما وصفه “قيام موظفي الحكومة بدور رجال الأعمال والمستثمرين في مشروع سكن كريم”، مؤكدا أن “من الطبيعي أن يقود هذا التدخل إلى نتائج كارثية”.
وأوضح جواد أنه “عندما طرح المشروع لحل مشكلة السكن لذوي الدخل المحدود، تطوعت الحكومة بالقيام به بدون تكلفة تذكر، وبين وزير الأشغال العامة في حينه، أن المبادرة ستؤمن آلاف الشقق للتوزيع دون أن تتحمل الخزينة فلساً واحداً”.
وأضاف: “قال الوزير حينها إن الحكومة ستقدم الأرض والبنية التحتية، وتطرح العطاءات على المقاولين، بحيث يتم بناء 20 ألف شقة، نصفها للمتعهد لبيعها تجارياً، والنصف الثاني يسلم للحكومة مقابل الأرض والبنية التحتية، وبعبارة أخرى فإن تنفيذ المشروع بهذه الطريقة أدى بالنتيجة إلى وضع عشرة آلاف شقة تحت تصرف الحكومة مجاناً لبيعها لمحدودي الدخل بالسعر الذي تجده مناسباً، وتحقق حصيلة تغطي بها ثمن الأرض وتكلفة الخدمات”.
وأضاف “سار المشروع بإدارة القطاع العام، وقام موظفو مؤسسة الإسكان والتطوير الحضري بدور المستثمر ورب العمل، فماذا كانت النتيجة؟ تم بناء 8448 شقة بتكلفة تناهز 400 مليون دينار، وتم بيع ثلثها فقط، بأقل من نصف التكلفة، وبقي ثلثان لا يجدان المشترين، لأن المصنعية سيئة، والموقع بعيد، والخدمات غير متوفرة، ولا تؤمن العيش الكريم”.
وقال: “تم بيع باقي الشقق لموظفي “التربية”، بالسعر المقرر الذي يقل عن نصف التكلفة، ونتجت عن ذلك خسائر للخزينة تفوق 200 مليون دينار”.
بدوره، كشف مدير إدارة الشؤون المالية في وزارة التربية والتعليم عطا أبو نصير، أن “إجمالي عدد الشقق السكنية الجديدة التي استلمتها الوزارة ضمن مشروع سكن كريم لعيش كريم، بلغ 3155 شقة، حيث تم بيع ما يقارب ألفي شقة”.
وبين أبو نصير لـ”الغد”، أن مجلس الوزراء “قرر منح وزارة التنمية الاجتماعية 625 شقة”.
وأشار إلى أن الشقق المتبقية كانت “مباعة لكن، بعض المشترين استنكفوا نتيجة سفرهم أو لعدم إمكانية تغطية قسط الشقة من الراتب، أو لأنهم لم تنطبق عليهم أسس الاستفادة من المشروع، أو لديهم ملكية سكن”.
وأوضح أن الإدارة ستعمل على حصر عدد الشقق المتبقية، والتي سيتم الإعلان عنها لاحقا، لافتا إلى أن مجلس الوزراء قرر في شهر آب (أغسطس) 2014، تحويل الشقق المتبقية من المشروع إلى صندوق إسكان المعلمين.
بدوره، اعتبر المهندس المعماري جهاد قاقيش، أن الحكومة “استعجلت في حينها إيجاد آليات العمل لإنجاح المشروع، إذ لم تقم بالدراسات اللازمة لطرح عطاءات تنفيذ المبادرة الملكية، بل سلقت المشروع قبل أوانه، ما أوجد عقبات ومشاكل كثيرة”.
وأضاف قاقيش أن المبادرة “تعرضت منذ انطلاقتها إلى العديد من العثرات والمطبات، فضلا عن جملة من الأخطاء والتجاوزات في آلية التنفيذ والعطاءات التي أحيلت على بعض شركات المقاولات”.
وأشار إلى أنه “مع بدء تسليم شقق حينها، تعالت أصوات المستفيدين، حول ضيق مساحات الشقق قياسا بأسعارها، والمعاناة التي تمثلت أيضا في توفير خدمات البنية التحتية المطلوبة، مثل الماء والكهرباء”.
وأضاف: “كما أن ارتفاع قيمة الفوائد البنكية على الشقق، وتعدد شروط القروض، رغم إجراءات الحكومة المتعددة حينها لتطبيق قرار مجلس الوزراء الخاص بتخفيض أسعار الشقق بواقع 15 %، وضمان حصول المستفيدين على قروض تمويلية بفائدة 5 %، ما أدى لعزوف الكثيرين عن المشروع”.
وتساءل فيما إذا كانت عملية التنفيذ تمت حسب المواصفات والمعايير المطلوبة، مشيرا إلى أن بعض الشركات التي نفذت تلك المشاريع “لم تقم بإجراء الدراسات الصحيحة والمطلوبة لتنفيذ المشروع، وهذا يدل على أن المبادرة لم تحقق أهدافها، خدمةً لذوي الدخل المحدود والمتدني لامتلاك شقة العمر، والدليل على ذلك أن الشقق التي تبقت تم تحويلها إلى وزارة التربية والتعليم”.
من جهته، أكد رئيس اللجنة المشتركة بين نقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم حسن العتوم، أن هناك “إقبالا شديدا من المعلمين على هذه الشقق”.
وقال العتوم لـ”الغد”، إن أغلب الملاحظات التي وصلت اللجنة من قبل الميدان التربوي، تمثلت “بالمطالبة بزيادة عدد الشقق لأن عدد المستفيدين منها لم يتجاوز 3155 معلما، إضافة إلى ضرورة توزيع الشقق على المناطق المختلفة بحيث تغطي جميع المحافظات”.
ومن الملاحظات أيضا، بحسب العتوم، أن تقلص مساحات الشقق، فيما تعاني أغلبية الشقق من نقص الخدمات، كالكهرباء والمياه، إلى جانب عدم تفعيل دور الإشراف الهندسي على الشقق.
وكانت “التربية” أعلنت في التاسع عشر من تموز (يوليو) الماضي، أسماء الدفعة العاشرة من المستفيدين من هذه الشقق في مناطق ضاحية الأميرة إيمان، وأبو علندا، والزرقاء، والفيحاء، والشوبك.
كما كانت أعلنت عن الأسس الجديدة المعتمدة للاستفادة من المشروع، التي تضمنت أن “لا تقل خدمة المستفيد عن 5 أعوام فعلية في الوزارة، وأن يكون المستفيد ما يزال على رأس عمله، وأن لا يكون قد استفاد من قرض صندوق إسكان التربية”.