ضم《 الضفة الغربية بتوقيت كورونا: أسرار وخفايا 》رسائل خشنة《 وأخرى “لعوب》هدفها الأردن
تعود فجأة للمشهد الأردني تلك «القناة» الوسيطة في حمل الرسائل والتي تميزت طوال الوقت بحمل الارتباك والغموض.
مجدداً وخلال الساعات الماضية، تظهر «رسائل خاصة» على هامش نقاش الأردنيين الداخلي بعنوان: «ماذا نفعل في بداية شهر تموز عندما يبدأ بنيامين نتنياهو بخطته لضم الضفة الغربية؟». لا يعرف المراقبون عملياً بأن هذا سؤال استثنائي جداً وينافس بحدة زميله في مصفوفة التساؤلات الحرجة بعنوان «كيف نتجنب تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية تحديداً؟».
في غرف القرار الأردني همْس من كل الأصناف، وسؤال يتكرر في أروقة صناعة القرار: ماذا نفعل وكيف نتصرف؟ والحكومة الأردنية لا تعلق على مسار الأحداث. وقد يكون السبب علمها المسبق بأن المسألة عابره لمجلس الوزراء. وقد يكون السبب ميل وزير الخارجية النشط أيمن الصفدي، للرد على الموعد المفترض للتحول الدراماتيكي غربي نهر الأردن بتكرار «ثوابت المملكة» فقط.
في منطقة أبعد عند النخبة العميقة، يربط الجميع بين «محاولات ملموسة للتحرش بالأردن ومضايقته»، خصوصاً من الحليف الأمريكي وبين اقتراب موعد «الضم» إياه.
إسرائيل طبعاً ستفعل.. وتستغل كورونا للضم ولتصفية القضية.. هذا ما قاله أمام «القدس العربي» رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري. عند تعداد «الرسائل الخشنة» سمعت «القدس العربي» من مسؤول مهم ثلاث إشارات «سلبية»، أو قرأت، في سياق الضغط الأمريكي الذي يسبق «الضم المثير». ويتعلق الأمر بالموقف الأمريكي، ولاحقاً الغربي غير المتفاعل بالدرجة الأولى، مع الدعوة اليتيمة التي انطلقت في العالم بعد حمى كورونا، الصادرة عن الملك عبد الله الثاني بخصوص «عولمة تحالف دولي» ينسق ضد كورونا.
حملة الأردن هنا لم تلق الصدى المطلوب، وقد يكون السبب «ضعف وأحياناً بؤس» أدوات التأثير الدبلوماسي. وكذلك قد يكون مرتبطاً بتلك «العلاقة الباردة» جداً منذ عامين مع إدارة الرئيس دونالد ترامب.
لكن تبرز الرسالة السلبية الثانية من خلال قرار سبعة من أعضاء الحزب الجمهوري، فجأة، طرح ملف المناضلة الأردنية الفلسطينية أحلام التميمي وبصيغة استفزازية تثبت بأن دوائر أمريكية بدأت «تفتعل المشكلات» مع الأردن لغرض إسرائيلي على الأرجح.
التميمي، قرر القضاء الأردني عدم تسليمها. لكن جهة ما في الإدارة الأمريكية والحزب الجمهوري قررت فجأة التلويح بقضيتها إعلامياً وبصيغة مستفزة أيضاً ومتحرشة للغاية، فكرتها التلويح بعقوبات اقتصادية على بلد حليف يواجه اقتصاده أصلاً «محنة» بعد الفيروس. وقرأت قرون الاستشعار في المطبخ الأردني على الأرجح جيداً «نكش» ملف أحلام التميمي.
لكن قبل ذلك، ولدت رسالتان أيضاً؛ الأولى لها علاقة بتقرير دولي يضع الأردن وموريتانيا فجأة أيضاً في سياق ملاحظات لها علاقة بإيداع مبالغ في الخارج، حتى أن عضو البرلمان الأردني الدكتورة ديمة طهبوب وجهت حول الموضوع سؤالاً دستورياً لرئيس الوزراء.
ثم قررت منظمة «هيومن رايتس» ووتش توجيه ملاحظات قاسية بثوب الحرص على «الحريات العامة» في الأردن وقضايا التعبير على هامش تفعيل قانون الدفاع في مواجهة فيروس كورونا.
تقرير المنظمة كان عمومياً ولم يقدم أدلة على مخالفات وملفات محددة، وتجاهل أن الملك طلب في رسالة علنية من رئيس الوزراء عمر الرزاز تفعيل قانون الدفاع بأضيق حدود ممكنة وبدون المساس بحقوق المواطنين وحرياتهم.
في كل حال، يحصل كل ذلك على نحو مفاجئ، فيما يقرر الإسرائيلي ويتواطأ الأردني على عدم فتح أي قنوات ثنائية للتنسيق بشأن كورونا.
ويحصل فيما تعود للكواليس تلك النشاطات التي يقوم بها الوسيط الأمريكي من أصل فلسطيني ثائر مقبل، المبعوث الغامض للسلام وتفعيلاته.
ذلك المبعوث يحمل من سنوات رسائل ضمن رباعية.. «عمان- واشنطن- تل أبيب- رام الله». وفي بعض الأحيان لم تكن الرسائل دقيقة أو فعالة، وساهمت في إقصاء مسؤولين سابقين ومهمين عن موقعيهما في الأردن. المهم، يتواصل الوسيط نفسه مجدداً مع حلقات محددة في الإدارة الأردنية وتستمع له وزارة الخارجية وهو «يقترح» أن «لا تصمت الأردن» وتبدأ بقيادة حملة دبلوماسية عالمية ضد قرار «الضم» للتأثير بالمجريات وعلى أساس أن جهات أمريكية «ضد الضم» ستساعدها في مثل هذه الحملة وعلى غرار حملة سابقة للأردن ضد «الجدار العازل». الهدف التكتيكي ليس «إعاقة» مشروع الضم للضفة الغربية، لكن الحيلولة دون «شرعنته».
تحتاج مثل هذه المقترحات إلى «غربلة»، لأنها تضع الأردن في صدارة مواجهة علنية مع الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وهو في أضعف أحواله بسبب كورونا وشقيقاتها.. هكذا يفكر ساسة خبراء في الرسائل اللعوب المشار إليها.
كورونا والوضع الاقتصادي الحرج ومواجهة نتنياهو وترامب معاً.. تلك واحدة من معادلات «الانتحار» السياسي في وصف بعض الدوائر الأردنية.
لذلك تقرر تجاهل رسائل الوسيط إياه ومقترحاته على أساس أن الإدارة الأمريكية ينبغي أن «تقلع شوكها بيدها» إذا كانت ترى في مشروع الضم الإسرائيلي للضفة، عشية زيارة الوزير بومبينو للمنطقة، «خطراً مبكراً» يقوض المنطقة والسلطة الفلسطينية ويخالف منطوق حتى صفقة القرن.
عمان لا تريد التورط في مواجهة مشروع «الضم»، وبدأت ترتاب في رسائل الوسطاء، خصوصاً تلك التي يتبناها بعض مسؤوليه بحماسة مبالغ فيها، والمقاربة الأقرب لفهم أوراق القوة مرحلياً هي الامتناع عن «التورط في التفاصيل» أولاً، ثم الحرص على عدم إضفاء «أي شرعية» على الضم إذا حصل، ثانياً.
وثالثاً، وهو الأهم، حماية الجبهة الداخلية ومنع أي اضطراب محتمل من التحالف مع كورونا غربي النهر من الانتقال شرقاً.
تلك هي المقاربة حتى الآن، وتحاكي التجربة مع تفاصيل صفقة القرن.. هل ستصمد؟