مصارحةُ الكباريتي توغِرُ صدر الرزَّاز
حديثُ رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي كان مترعًا بالعباراتِ التي دفعت عُمر الرزّاز إلى أن استعلنِ "امتعاضه "، مصارحةٌ للكباريتي عن الواقعِ الأردنيِّ، انتقادٌ لاذعٌ للسياسةِ الحكومية، وتشاؤمٌ بلغةِ المواطن الأردنيّ، بدأ الكباريتي حديثه بأنَّ القطاعَ التجاريّ تجاوز القلق ، فأصبح في مرحلةِ الخوف التي لم يواجهْ الأردن مرحلةً مماثلة لها منذ تأسيسه .
دفعت هذه العبارات الرزّاز إلى جعلِ ترتيبه في الحديثِ بُعيد الكباريتي، وذلك كي يذودَ عن سياسةِ حكومتهِ " التفاؤليّة " ، أمّا الأمر المُستلفت هو تشكيكُ الكباريتي باللحظةِ التاريخيّةِ التي جاءت بها حكومته أي أحداث الرابع 2018 ، حيث قال : اختلقنا موجة الرفض لقانونِ الضريبةِ وقال الشعب أنّه حقّق انتصارًا ديمقراطيًّا ولكن النتيجةَ تغيُّرات سياسيّة لا أعلم إذا كان مخطّطاً لها أم لا .
كلمةٌ صاخبةٌ لكبيرِ التُجَّار، والذي انتقد مشروع قانون عدم حبس المدين الذي يتم تخميره الآن في مجلسِ النوَّاب، ووصف ذلك بـ "المسرحيّة "، فيما انتقد أيضاً قانون المالكين والمستأجرين وقانون نقابة المحامين متسائلًا : " أليس الأفضل أن نعدل هذه القوانين ؟! " .
الكباريتي لم يختزلْ حديثه بقضايا التُجَّار فحسب ، بل استطال في حديثهِ عندما قال :" أن السوشال ميديا والجرائم المتتابعة المنتشرة عليها جعلتنا نشر بأننا نعيش في الاربعينات والخمسينات في وسط أمريكا ".
استكمل الكباريتي انتقادته للحكومةِ بالعجزِ عن التخلُّصِ من البيروقراطيّةِ التي فسّرها بأنّها متأصّلة في الموظّفِ الحكوميّ وهي بحسب رأيه :"الحقد، الحسد، على كلِّ عمل حقّق انجازات اقتصاديّة".
وأوغل في انتقاداتهِ حيث اتهم الكباريتي : "بأنَّ المُفسدَ هو المواطن الذي ارتأى أن تكون مصلحته فوق مصلحة الوطن، وأمّا الفاسد هو موظّف الدولة ذو الصلة". تجلّت هذه العبارات عند شرحهِ لدورِ الجمارك الأردنيّة.
"نحنُ كاثوليك أكثر من البابا"، بهذا التشبيه استتبع الكباريتي انتقاداته التي كانت "بالجملة " لمؤسّساتِ الدولة ، واستخدم هذا التشبيه عندما تحدّث عن البنكِ المركزيّ ، ووجّه مضمون انفعاله الانتقاديّ نحو محافظ البنك المركزي : "تعبير ساقط الصف أذهلني لأن سقوط الطالب في الصف له مبرّران، إما أن يكون الطالب غير مجتهد ، أو أن يكون المعلم غير قدير هنا أترك الجواب".
لم تخلُ كلمة الكباريتي من التندُّرِ الذي " استفزَّ " الرزَّاز حينما قال: "اكتفينا من الدارسات المنبثقة عن جهات دولية والتي تبين بنهاية الدراسة أن أكلة الستيك تختلف عن أكلة المنسف".
انتقاداتٌ مُسعِّرة لكبرياءِ الرزَّاز ، حيث تحدّث الكباريتي أيضًا عن قانونِ العمل والعُمَّال وقطاع النقل والمواصلات وقانون الشركات الذي يتم المراوغة من خلالهِ بالتستُّر التجاريّ والسجلات الوهميّة ، فيما استخدم الكباريتي عبارة " الغول" عندما استحضر الفساد في حديثهِ .
أمّا منطقة العقبة الخاصّة، فتحدّث عنها الكباريتي بنبرةٍ تشاؤميّةٍ حيث قال : "أنّها حلم عشناه ثم صحينا على واقع مرير وحرب طحناء بين سلطة العقبة والحكومات المتعاقبة ".
وأوضح الكباريتي أَنَّ العقبةَ تستورد بـ480 مليون دينار ، لكنَّ الرقمَ الفعليّ 250 مليوناً، فيما الاستيراد من تركيا يبلغ 4 ملايين فقط في العام الواحد ، وهذا ما يومئ إليه الكباريتي بخصوصِ العلاقات التجاريّة بين الأردن وتركيا.
وعند حديثهِ عن " الواقعِ الاقتصاديّ"، فقد نسجه الكباريتي مع السياسيّ ، عندما قال : " اعتمدنا على صداقات عديدة، لكن الأصدقاء في يوم الشدة تخلّوا عنا" . وذلك خلال حديثه عن الدورِ الخليجيّ " السعوديّة ، الامارات ، قطر " ، أمّا العراق فهو " ليس عراق أمس" في لغةٍ قنوتيّة، وفيما يخصّ سوريا : "ننتظرُ من الحكومة كيف تتعامل مع الواقع الجديد".
لم يحصرْ الكباريتي انتقاداته في قضايا معينة ، فوجّه نصاله نحو التعليم في الأردن حينما قال " الدراسة عبر الانترنت هي المستقبل، ونحن لا زلنا نتحدّث عن التوجيهي فصل أو فصلين". وعن تجارةِ الانترنت التي تجابهها الحكومة قال : "تجارة الانترنت حطّمت أكبر الشركات، ولا زلنا نتحدّث عن التلفون الأرضي، والعالم يتحدّث عن " 5جي" ونحن لا زلنا نعاني انقطاع الانترنت وسرعته والتي أصبحت مشكلة مثل مشكلة انقطاع المياه".
وطالب الكباريتي الذي أوغر الرزَّاز فاستثار غضبه الذي لم يتمكّن الأخير من " الصمت " بالابتعادِ عن الأساليبِ التقليديّة وأن التغيير مفروض وليس خيارًا .
الرزّاز لم يلبثْ أَنْ بدأ حديثه باتهامِ الكباريتي بـ "التشاؤميّة" و"العدميّة " و"السوداويّة " التي لا تولِّد إلّا السوداويّة .
لكنَّ الحقائقَ لا يمكن استلابها .. والحقيقةُ جليّةٌ عن الواقعِ الأردنيّ