الشمعة الـ 70 في مسيرة الاستقلال
المركب
يحتفل الأردنيون اليوم بالعيد السبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، مستحضرين ذاكرة مسيرة إنجاز وقصة وطن سطروها بجهد وتعب، تمكنوا عبر تلك السنين، بقيادتهم الهاشمية، من جعل الاردن «واحة امن واستقرار» وسط اقليم ومحيط ملتهب.
فرغم التحديات الاقتصادية والامنية، التي فرضها واقع المنطقة والعالم، إلا ان الاردن، بجهود ابنائه وقيادته الهاشمية، تمكن من تجاوز تلك التحديات، ليشكل «شمعة امل» تنير الطريق نحو مستقبل افضل لهم ولاشقائهم ممن اجبرتهم نار الحروب في بلدانهم للجوء الى اردن العرب.
ففي هذا اليوم ينير الاردنيون الشمعة السبعين، في مسيرة استقلال وانجاز، مستظلّين بما حققوه من إنجازات في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية في مسيرة البناء والعطاء الشاملة، التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني.
ويستذكر الأردنيون في مثل هذا اليوم، رجالا تسلموا الراية، فكانوا لها خير وارث يحمونها بالمهج والأرواح سعيا لتحقيق المبادىء التي انطلقت من اجلها الثورة العربية الكبرى لتحرير الأمة وتحقيق وحدتها، وتوفير الحياة الفضلى لها.
ويستظل الأردنيون بكنف الهاشميين، ملوكا توارثوا العزة والكرامة كابرا عن كابر، يفخرون بجذور تمتد إلى خير البشر، النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويطمحون بغد يحمل الأردن إلى مزيد من التقدم والازدهار.
ويتزامن عيد الاستقلال بأعياد وطنية، ومنها الاحتفال بالذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى ، التي انطلقت في حزيران من العام 1916، لترسي وتؤسس لاستقلال ووحدة عربية شاملة، ضمن مبادىء الحرية والعدالة تقوم على أساس الدولة العربية الواحدة لمجتمع عربي قوي عزيز حر قادر على مواجهة التحديات.
وقتذاك؛ تداعى أحرار العرب وسلموا القيادة إلى ملك العرب الشريف الحسين بن علي الذي فجر ثورة العرب الكبرى، وانضم أهل الأردن بكل ما يملكون لهذه الثورة ابتداء من جنوبه في العقبة مرورا بمعان وصولا إلى شماله.
وسطر الأردنيون تحت القيادة الهاشمية أروع المعاني في التحرر وبذل الغالي والنفيس، فاستطاعوا تحرير أرضهم وأرض الشام.
وتجسد المشروع العربي النهضوي الذي حملت مبادئه وأسسته الثورة العربية الكبرى، في كل معانيه، في الأردن، إمارة ومملكة، تضع نصب عينيها عزة العرب على الصعيد القومي هدفا لا تراخي أمامه، ويظل المكون السياسي الداخلي عماده وركيزة أساسية لأردن قوي يضع الهم العربي في أول درجات السلم والاولويات.
وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، تمكن الاردن من تعزيز دوره على الخريطة الدولية، كنموذج وقصة نجاح، تجاوزت كل التحديات والعقبات، ليكون بيت خبرة، تسترشد به جميع الدول على اختلاف قدراتها الاقتصادية والسياسية ومنها من له دور في صنع القرار الدولي.
وانتهجت القيادة الهاشمية في مختلف مراحل الدولة الاردنية سياسة الانفتاح على الجميع، وان جلالة الملك عبدالله الثاني عمقها ومتنها، ما مكّن الاردن من التحرك من الشرق الى الغرب وما بينهما، ما عزز سياسة المواجهة في علاقات الاردن، بالحوار والانفتاح وليس المقاطعة والانزواء، إذ أن سياسة الاردن في حال الاختلاف مع أي دولة، هي الحوار والتحدث الى تلك الدولة ومحاولة حل المشكلة، دون التأثير على مجمل العلاقات، وإبقاء الابواب مفتوحة لأوجه العلاقات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها القطاع الخاص، بصرف النظر عن الخلاف السياسي إذا وقع، وهو ما اشار إليه رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة في مقابلته مع التلفزيون الاردني قبل ايام.
وينطلق الاردن في سياسته في التعاطي مع القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية من منطلق دوره القومي والانساني، الذي تضمنته مبادىء الثورة العربية الكبرى، فالقضية الفلسطينية هي قضية مركزية وايجاد حل شامل وعادل للشعب الفلسطيني هي اولوية اردنية، كما ان الاردن دائما وابدا كان له دور في توحيد الصف العربي والسعي لحل الازمات العربية تستند الى سياسة الحوار والحل السياسي والدبلوماسي، ولعل مواقف الاردن تجاه ما حدث ويحدث في بعض البلدان العربية يعزز ذلك، والتي يؤكدها جلالة الملك في جميع لقاءاته مع قادة دول العالم وفي المنظمات الدولية ذات العلاقة.
ما حققه الاردن، خلال السنوات الماضية من انجازات وبناء علاقات مع جميع الدول، عزز من دور الاردن في التأثير على القرارات، بما يخدم القضايا العربية وتحقيق للسلم والامن الدوليين، مع التأكيد على ثابت أساسي بإعلاء مصلحة الاردن ومواطنيه.
ورغم الظروف الأمنية والسياسية الصعبة التي يشهدها العالم العربي والمنطقة، خلال السنوات الماضية، الا ان مسيرة التنمية الشاملة ، لم تقف، فكانت هنالك محطات انجاز، عززت من مسيرة الديمقراطية والحياة السياسية، فكانت التعديلات الدستورية الاولى والثانية، وكذلك إنشاء المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب وتطوير قانون الاحزاب بما يضمن تعزيز الدور الحزبي في المشهد السياسي الاردني.
ما شهده الاردن، عبر السنوات اللاحقة لاستقلال المملكة، من تطور وحداثة ونمو، رغم جميع التحديات التي تواجهه سواء تلك المتعلقة بطبيعته الجغرافية وموارده البشرية، او السياسية او الاقتصادية، يجعل من هذا البلد محط أنظار الجميع، كنموذج يحتذى به.
وتعكس مسيرة بناء الدولة الاردنية وتطويرها وتحديثها، قوة الاردن، الذي تمكن من تحقيق التمازج بين الحداثة والعادات والتقاليد الحسنة، التي تميز هذا البلد، قيادة وشعبا، من تسامح وكرم واعتدال والتزام.
وتجاوز الاردن التحديات التي واجهته على اختلاف أنواعها السياسية والاقتصادية والأمنية، مستندا الى عناصر تشكل في مجملها حلقة متكاملة، رسمت شكل الدولة الأردنية الحديثة، المرتكزة على نهج التسامح وتعزيز التعايش السلمي بين فئات المجتمع، ما عزز نسيج الوحدة الوطنية، التي تعتبر ركيزة الامن والامان.
وانطلق الاردن، برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، في مواجهة ومكافحة الإرهاب من نظرة شمولية، ارتكزت على عدة عوامل في نجاحها في تحصين الاردن من هذه الآفة، بأن التحذير منها جاء مبكرا، وان يكون الاردن جزءا اساسيا من الحرب ضد الارهاب و حماية الاسلام ورسالته من التشويه وان هذه الحرب هي حرب الدول الاسلامية كافة فضلا عن انها حرب عالمية ثالثة بوسائل واساليب مختلفة.
ونجح الاردن بقيادة جلالة الملك في (سياسة الحياد الدفاعي ) لاسيما بعد عودة الحرب الباردة ومخاطر هذه الحرب على إمكانية تقاسم النفوذ في المنطقة بين الاقطاب، إذ أن رؤية جلالة الملك الشمولية ومد الجسور مع كافة الاطراف وعدم التورط في الحروب الاقليمية حصن الاردن من كل هذه التداعيات وعزز دوره الاقليمي والدولي.
وتجسد الحالة الاردنية حالة فريدة، امتازت بتلاحم بين الشعب والقيادة واضعين نصب أعينهم مستقبلا أفضل للاجيال القادمة، مستثمرين بالمكونات التي تعتمد على العنصر البشري وقيادته الهاشمية، ما مكن الاردن من أن يكون في موقع مركزي ومحوري، حصنه من تداعيات الأزمات في المنطقة، ومكنه من التأثير في الدفاع عن قضايا الامة.