يعتبر أرطغرل ابن سليمان شاه، الذي عاش حسب المصادر التركية بين عامي 1191 و1281، والد عثمان الأول مؤسس السلالة العثمانية التي حكمت لنحو ستة قرون الدولة العثمانية.
وبعيداً عن الأعمال الدرامية التركية التي تذكرنا بالمثل القائل "إلى أن يتعلم الأسد الكتابة ستظل كل القصص تمجد الصياد"، يغيب ذكر اسم أرطغرل قائد قبيلة قايي، إحدى أهم قبائل الأوغوز التركية، عن أية أنشطة أو بطولات سجلها التاريخ حيث أثبت وجوده تاريخيا عقب وفاته بفضل العملات التي صكّها ابنه عثمان الأول والتي ذكرت أن اسم والده هو أرطغرل.
إلى ذلك، لم يذكر أي من مؤرخي تلك الفترة هذه الشخصية، حيث غاب اسم أرطغرل عن كتابات المؤرخ البيزنطي جرجس باشيميرس (Georgius Pachymeres) المولود عام 1242 والمتوفى عام 1310 كما غاب أيضاً عن المصادر المتأخرة لكل من الرحالة ابن بطوطة المولود عام 1304 ، المتوفى عام 1377 والإمبراطور والمؤرخ البيزنطي يوحنا السادس قانتاقوزن (John VI Kantakouzenos) المولود عام 1292 والمتوفى عام 1383.
أساطير خرافية
كما يجمع المؤرخون المعاصرون أن القليل الذي ذكر عن أرطغرل في عدد من مصادر العثمانيين التي جاءت متأخرة وتعود للقرن الخامس عشر لا يزيد عن كونه أساطير خرافية لا تمت للواقع بأية صلة.
وبحسب التراث العثماني، حلّت قبيلة قايي بقيادة سليمان شاه بالأناضول قادمة من آسيا الوسطى هربا من الغزو المغولي الذي قاده جنكيز خان خلال القرن الثالث عشر.
فضلا عن ذلك، تحدّثت بعض المصادر عن غرق سليمان شاه خلال محاولته اجتياز نهر الفرات حوالي العام 1236 ودفنه قرب قلعة جعبر بسوريا.
سحر طفل أفغاني على مدى اليومين الماضيين وسائل التواصل الاجتماعي. وتقاطرت تعليقات التعاطف مع الطفل الذي فقد رجله العام... سوشيال ميديا
ويعود الفضل تاريخيا في وقف تقدم المغول للمماليك بقيادة سيف الدين قطز وركن الدين بيبرس حيث شهدت معركة عين جالوت يوم 3 أيلول/سبتمبر 1260 على هزيمة جيوش المغول ومقتل كتبغا على يد جمال الدين آقوش الشمسي في وقت كانت فيه دولة السلجوقيين وأتباعها من القبائل التركية تحت رحمة المغول.
فعلى إثر معركة جبل كوسه سنة 1243، أجبر سلطان سلاجقة الروم كيخسرو الثاني على دفع الجزية للمغول والقبول بشروطهم كما استمرت هيمنة جحافل المغول على هذه المناطق لنحو 100 عام.
إلى ذلك اتضح ضعف القبائل التركية أمام العنصر المغولي مرة ثانية بعد أقل من 150 عاما عن معركة عين جالوت.
فأثناء العام 1402، وقع السلطان العثماني بايزيد الأول أسيرا في قبضة القائد الأوزباكي تيمورلنك الذي ادعى قرابته من جنكيز ورغبته في إعادة مجد المغول.
معركة أنقرة ورمز الإهانة
وكرمز للإهانة عقب معركة أنقرة سنة 1402 أجبر تيمورلنك زوجة بايزيد الثاني على تقديم الخمر له أثناء جلساته وهو ما أدى لموت السلطان العثماني حزنا وكمدا في زنزانته.
في غضون ذلك، حظي الأيوبيون والسلاجقة بالدور الأبرز في صد الحملات الصليبية حيث كان لصلاح الدين إسهام كبير في استعادة أجزاء هامة من الأراضي المقدسة.
كما حظي أحفاده من بعده بمكانة بارزة في مقاومة الحملات الصليبية التالية. وبالتزامن مع ذلك، يغيب ذكر قبيلة قايي أثناء الحملات الصليبية حيث لم يذكر ولا مصدر تاريخي واحد إسهاماتهم في صد الحملات الصليبية فضلا عن ذلك يرجح البعض إمكانية مشاركتهم بشكل محدود جدا كمرتزقة إلى جانب السلجوقيين.
فرسان الهيكل والمؤامرة
إضافة لكل ذلك، لا يذكر التاريخ شيئا عن قيام أرطغرل أو سليمان شاه بفك خيوط مؤامرة تحاك من قبل فرسان الهيكل أو نجاحهم في مهاجمة قلعة فرسان الهيكل وحمايتهم للعالم الإسلامي من حملة صليبية على مدار 60 عاما القادمة كما تروج له الدراما التركية.
فحسب أغلب المصادر التاريخية وجه الملك الفرنسي فيليب الرابع الضربة القاضية لفرسان الهيكل وأنهى وجودهم مطلع القرن الرابع عشر وأحرق قائدهم جاك دو مولاي حيا سنة 1314 بباريس وقبل ذلك أضعف الأيوبيون والمماليك فرسان الهيكل وطردوهم من مواقعهم القريبة من الأراضي المقدسة.
بطولات دون مصادر تاريخية
ومن خلال بطولات تفتقر لأي مصدر تاريخي ثابت، تحاول الدراما التركية تقزيم حجم الأبطال الحقيقيين الذين ذكرهم التاريخ وإقحام شخصية تركية أخرى دخيلة لا سند تاريخيا لها لمنافسة صلاح الدين الأيوبي وسرقة بطولاته ومنح أحفاده صفة الخونة وإظهارهم بمظهر الضعفاء والعاجزين كالعزيز محمد حاكم حلب الذي واصل إنجازات والده المعمارية بحلب وإعادة ترميم أجزاء منها.
من جهة أخرى، تغيب المصادر التاريخية التي تؤكد لقاء أرطغرل ومحي الدين بن عربي المعروف بابن عربي فأثناء سفره لحلب ودمشق وقونية التقى الشاعر والمتصوف بأمير السلجوقيين بينما لم تؤكد أية مصادر لقاءه بأرطغرل وبداية القصة الدرامية التي استمرت لسنوات عديدة لتتنافى تماما مع الواقع خاصة مع غياب السند التاريخي الذي يؤكدها.