أورنج الأردن تنظم ورشة عمل توعوية لتعزيز شمولية الأشخاص ذوي الإعاقة بالشراكة مع اللجنة البارالمبية الأردنية   |   أسير إسرائيلي يقبّل رأس عنصر من القسام خلال تسليمه للصليب الأحمر   |   وفد تجاري برازيلي كبير يزور الاردن صيف هذا العام   |   جامعة فيلادلفيا تهنىء جلالة الملك بالسلامة   |   أول صورة لنعش زعيم حزب الله حسن نصرالله وخلفه هاشم صفي الدين   |   البنك العربي يطلق هويته البصرية المؤسسية المحدّثة بنمط جديد ومعاصر   |   اتحاد السلة وزين يدعوان الجماهير لحضور مباراة الصقور أمام السعودية ويعلنان عن فعاليات وجوائز   |   التحرك العربي العاجل: مواجهة التهجير القسري الإسرائيلي في غزة   |   المجلس المركزي لعشائر العراق يكرم الاعلامي جمال عليان مدير تحرير وكالة عكاظ الاخبارية   |   المنظومة الإعلامية   |   التنظيم العشوائي لمنتجات التبغ البديلة ينعش السوق السوداء ويهدد الصحة العامة   |   أورنج الأردن الراعي وشريك الاتصالات الرسمي للمؤتمر السنوي الإقليمي السابع لمؤسسة المهندسين الصناعيين والنظم   |   برنامج 《الشباب الآن》 الممول من شركة البوتاس العربية يستأنف أنشطته من مدارس الأغوار الجنوبية   |   جامعة فيلادلفيا تتألق في تنظيم بطولة الرياضات المتعددة وتحصد لقب بطولة كرة القدم   |   تهنئة للدكتور محمد عطا ذياب العامر بمناسبة حصوله على الدكتوراه   |   ملتقى أعمال أردني - سعودي في عمان الاثنين المقبل   |   سياسيون: 《حكومة السلام》 المرتقبة بارقة أمل للسودان   |   الرواشدة يقرر تمديد أوقات عمل المراكز الثقافية في المحافظات   |   《حماس》 تقرر تسليم 6 أسرى إسرائيليين السبت المقبل .. و4 جثث الخميس   |   الموافقة على المرحلة الأولى من مشروع هيكلة شبكات خطوط النقل العام   |  

أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة


أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة
الكاتب - د.محمد يوسف أَبو عمارة

أَثَـــــر الـــفَــــــراشَـــــــة

 

بِقَلَم : 

د.محمد يوسف أَبو عمارة

 

رُبَّما تَظُنُّ لِوَهلَة ما أَنّك لَستَ ذو قيمَة وأَنّ ما تَقوم بِه مِن تَصرُّفات لا يُؤَثِّر عَلى أَي شيء وبالتّالي يَتَسرَّب إِليك شُعور بالإِنهزامِيَّة والضّعف وتَتَوَقّف عَن العَمَل أَو حَتّى نَتَوَقَّف عَن التَّفكير بالعَمَل .. ! 

 

قَبلَ قَليل خُضتُ نِقاشًا طَويلاً مَع طَلبتي حَولَ المُقاطَعَة لمُنتَجات الشَّرِكات الدَّاعِمَة للكَيان ومَدى فعاليّتها في إِضعاف الكيان والشَّرِكات التي تَدعمه وتغذيته ، وأَحسَستُ بِأَنّ شعوراً بِعَدَم جَدوى المُقاطَعَة قَد تَسَرَّب إِلى داخلهم بَل أَنّ بعضهم أَصبَح يُفَكّر جدّيًّا بِعَدَم المُقاطَعَة وهُنا تَذَكَّرتُ نَظَرِيَّة " أَثَر الفَراشَة " لإِدوارد لورينز عالِم الأَرصاد الجَويَّة الذي لاحَظ أَنّ أَي تَغيير بَسيط يدخله في جِهاز المُحاكاة يُؤثِّر بِشَكِل مُلفِت عَلى التَّوقُّعات حَتّى لَو كانَ هذا التَغيّر بِحَجم رَفرَفَة الفَراشَة ...

فَرَفرَفَة فَراشَة في الصّين قَد تَتَحَوَّل إِلى عاصِفَة في أَمريكا .. رُبَّما تَقول في قَرارَة نَفسِك أَنّ ذلك مَوضوع تافِه ولَن يُحدِث ذلكَ الأَثَر ولكنّ تَتَفاجَأ بِأَنّ كُلّ الأَثر يَحدُث منه !

لَو قامَت فَراشَة بِرَفرَفَة أَجنِحتها الصَّغيرَة فَهِيَ تُحدِث حَرَكَة في الهَواء ثُمَّ تُحدِث تَغييراً ضَئيلاً ومُتدرّجًا في الضَّغط الجوّي وحينَ تَتَراكَم الفَراشات وتَحشد قِواها عِندها تُصبِح أَجنِحتها مُحَرِّكَة لِتيّارات الهَواء هذه التّيّارات التي كُلَّما زادَ عَدَد الفَراشات المُولّدة لَها قَد يُحوّلها إِلى إِعصار يُحدِث دَماراً هائِلاً في العالَم..

 

وعِندَ التَّعَمُّق في هذه النَّظَرِيَّة نَجِد أَنّه لَيسَ هُناك أَي تَصَرُّف تافِه أَو بِلا قيمَة ! فَلو شَعَر صَحابَة رَسول الله – صلّى الله عليه وسلَّم – وهُم في دار الأَرقَم بِن أَبي الأَرقَم أَنّهم قِلَّة ولَن يَكون لَهُم أَثَر لَما وصلنا الإِسلام ..

ولَو أَنّ عَبّاس بِن فرناس لَم يُؤسِّس لَعلِم الطّيران لَما غَزَونا الفَضاء وصَعَدنا لِسَطحِ القَمَر ..

 

فالعَمَل الذي قَد يَبدو ظاهِره بَسيطاً قَد تَكون نَتائِجه أَكبَر مِمَّا تَتَوَقَّع ، فَلَو مَثلاً قامَ كُل مِنّا بإِلقاء النُّفايات في الطُّرقات وغابَ عامِل النَّظافَة فمثال بسيط لحي بسيط يَسكنه عَدَد بَينَ الأَشخاص ولِمُدَّة أَشهر وبِمتوسَّط حَجم نُفايات عادية سَتَجِد أَنّ هذه النُّفايات التي يلقيها كُل منّا سَتَصِل لارتِفاع ( 120 ) سم حسب دِراسَة بَسيطَة أَجريتها أَنا عَلى حَيّ يقطنه (5000) شَخص ويَلقون نُفايات بِمُعَدَّل (30 سم3) فَقَط نأهيك عما سَيُصاحبها مِن أَمراض وأَوبِئَة .. فإِهمال وضع القمامة في مَكانها المُناسِب قَد يَتَسَبَّب بِمَرَض يقضي عَلى البَشريّة .. 

كَما أَنّ شرخ بسيط في سَدّ كبير إِن لَم يُعالج في وقته سَيُحدِث غَرَقًا لِمَدينَة كامِلَة..

 

لِذا فَعِندَما تُقاطِع مُنتَجات العَدوّ أَو الشَّركات الدّاعِمَة لَه يَجِب أَن تَكون لَدَينا قَناعَة بِأَنّ هذه المُقاطَعَة ذات أَهميّة كَبيرَة والأَرقام المَوجودَة في مَواقِع العَدوّ تَدُل عَلى أَنّ عَشرات آلاف الشّرِكات والفروع التّابِعَة لَها قَد تَوقّف نَشاطها وأن بَعضها تكبّدت خَسائِر بالمليارات وأَنّ بعضها حاول تغيير سياسته واسمه التِّجاري بَل وقامَت هذه الشَّرِكات بِفَرض قُيود عَلى صانِع القَرار في دَولَة الكَيان ، فالحَرب مَع العَدَد لَها أَشكال عدّة ولا تَقتَصِر عَلى حَمل السِّلاح فالمُقاطَعَة حَرب ووسائِل التَّواصُل والاعلام حَرب والرّياضة حَرب والتّعلُّم حَرب فَأَشكال مُقاومي هذا العَدَد تَختَلِف وتَتَنَوَّع .. لِذا قاطِع ولَو كُنتَ لِوَحدِك ، قاطِع لأَنّك صاحِب فِكرَة، قاطِع لأَنّك صاحِب رِسالَة، قاطِع لِأَجلِ إِخوانك الذين يُقتَلون كُلّ دَقيقَة، قاطِع لأَنّه أَضعف الإِيمان في وَقتِنا الحالي..

     

وتَذَكَّر أَنّ الفَراشَة توقِنُ أَنّ لَها أَثَراً لذلك فهي تُحلّق طيلَة الوَقت فلا تَكُن أَضعَف مِن الفَراشَة ولا تُغادِر هذه الحَياة دونَ أَن تَترُك أَثراً .. 

وتَذَكَّر قَول درويش ..

أَثَر الفَراشَة لا يُرى .. أَثَر الفَراشَة لا يَزول .. 

 

فالنَّتائِج قَد لا تَكون آنيَة أَو سَريعَة .. ولكنّها سَتكون أَكبَر مِمّا تُريد .. وتَذَكَّر أَنَّك قَد تَكون حَلقة في دائِرَة كَبيرَة فَلَولاك لَما دارَت الدَّائِرَة الكَبيرَة فَأَنتَ الجُنديّ المَجهول الذي لَولاه لَتَوقَّف العَمَل فمُسَنّنات السّاعَة يُحرّكها مُسنّن صَغير جِدًّا إِن تَوَقَّف تَعَطّل عَمَل الكُل .. 

لِذا أُكَرِّر لا تَستَهين بِتأثير مُقاطعتك ولَو كُنتَ لِوَحدِك ..