الإخوان وفرق النقطة بين برنامجين
اكثر من نقطة حملتها رسالة جماعة الاخوان المسلمين الى المجتمع والدولة والخصوم باختيارها عبدالحميد الذنيبات مراقبا عاما مؤقتا، مقابل عبدالمجيد الذنيبات مراقب عام جمعية جماعة الاخوان المسلمين الجديدة والحائزة على ترخيص رسمي، فاذا قمنا بترتيب الحروف فان الفارق سيكون “نقطة” تفصل بين عبدالمجيد وعبدالحميد وكلاهما من نفس القرية الوادعة جنوب الوطن ولكنها نقطة اعادت الاعتبار الى توافق او نص مسكوت عنه وغير مكتوب داخل جدران الجماعة خرجت عنه القيادة السابقة.
قرار الاخوان بتشكيل هيئة مؤقتة تحمل سمات التركيبة التوافقية التقليدية التي عاشت معها الجماعة وتعايشت بها طويلا يؤشر على مراجعة نسبية قامت بها القيادة السابقة والقواعد الرئيسة من اجل التقاط الانفاس ومحاولة ترتيب البيت الداخلي، فشخصية نائب المراقب الجديدة عزام الهنيدي تسمح بقيادة حوار داخلي هادئ ومنتج خاصة انه اقرب فكريا ونظريا الى تيار العقلاء وحكماء الجماعة منه الى المعسكر الاخر.
البيت السياسي الاخواني شهد مراجعة سياسية بعد المراجعة الداخلية بقرار مشاركة حزب جبهة العمل الاسلامي في الانتخابات البرلمانية القادمة وهو قرار متوقع الى درجة اليقين لمن يعرف تفاصيل الداخل الاخواني وانعكاساته على حزب جبهة العمل الاسلامي، فالحزب والجماعة لم يملكا رفاه القرار الثنائي هذه المرة بمعنى المقاطعة او المشاركة، بل كانت المشاركة الزامية وواجبة نظراً لطبيعة الظرف الداخلي للجماعة وطبيعة الظرف الموضوعي “الدولة والمجتمع”.
قرار المشاركة في الانتخابات ليس اكثر اهمية من تشكيل اللجنة المؤقتة لادارة الجماعة التي تحمل ملفات ثقيلة واعباء كبيرة اولها انتاج حالة استرخاء داخلية تسمح بانتخاب مراقب عام دائم وهيئة دائمة او مكتب تنفيذي وكذلك تحقيق توافق مع الدولة ومسنناتها على هذا المكتب، وسط عقل محافظ يمسك مفاصل القرار مع الاخوان حصريا، رغم ان الرئيس الجديد قد ابدى انفتاحا اكثر حيال هذه المسألة من سابقه مع احتفاظه بموقف صلب من الجماعة الى ان تقوم بتصويب اوضاعها القانونية.
الهيئة الاخوانية المؤقتة خطوة الى الامام لنزع فتيل الازمة الداخلية فهي قادرة على انتاج حوار داخلي وقادرة على انتاج حوار خارجي بالتوازي، ما يجعل الاتجاه اليميني داخل الدولة اقل تأثيرا واقل دورا، فالقيادة السابقة منحت خصوم الاخوان كل الاسلحة اللازمة وشحنت الاسلحة القائمة اصلا بذخائر اضافية.
المجتمع السياسي والمدني في الاردن ينظر بارتياح الى قرار المشاركة وتشكيل الهيئة المؤقتة على أمل التخلص من ثنائية الدولة والجماعة، هذه الثنائية البائسة التي اربكت الاصلاح السياسي والاجتماعي وأضاعت فرصا كثيرة على الجميع، والامل ان تتقدم فرصة المصالحة وطي صفحة الماضي بكل تفاصيلها وتحديداً من عقل الدولة المركزي، فهو بمثابة الحاضنة لجميع التيارات السياسية والحزبية وليس منحازا الى تيار على حساب تيار آخر فنحن احوج ما نكون الى المشاركة العامة والمصالحة العامة.